للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إننا نريد أن نبني أمّة جديدة مسلمة. فكيف نبنيها؟ كيف يبني الباني الدار؟ إنه يختار الحجارة، ثم يرصفها، ثم يشدّ بعضها إلى بعض. وحجارةُ بناء الأمّة أفرادُها. إنها لا تنشأ أمة صالحة من أفراد فاسدين. فلنبدأ أولاً بإصلاح أنفسنا بتصحيح العقيدة والبعد عن المحرّمات ومعرفة أحكام الدين والعمل بها.

إن الواعظ إن لم يبدأ بنفسه فيعظها لم يستطع أن يعظ الناس، والنبع الجافّ لا يَمُدّ السواقي بالماء، والفؤاد الذي يملؤه الظلام لا يضوّئ للسالكين الطريق، والقلب الذي فيه الثلج لا يبعث في قلوب السامعين حرارة الإيمان، والذي يطمع في أموال الناس وفي دنيا الحكّام لا يستطيع أن يعظ الناس ولا أن ينصح الحكام. والكلام الذي يخرج من اللسان لا يجاوز الآذان ولو حوى جواهر البلاغة ودُرَر البيان.

فلنحاول أن نُصلِح أنفسنا لنُصلِح الناس. وإذا أصلح كل أب نفسه وراقب الله وكان معه بقلبه كان الله معه، فسخّر لطاعته زوجه وولده. فليكن كل واعظ بفعله أَوْعَظَ منه بقوله، فإنّ عيب أمثالي أنا -من وُعّاظ آخر الزمان- أن أفعالهم لا تماثل أقوالهم، فلا يستمع الناس منهم.

ثم ليعمد كل واحد منّا إلى أسرته فيحاول إصلاحها، فإن الأمّة هي مجموعة أسر، فإذا صَلُحت الأسر صَلُحَت الأمّة. والله لا يبدّل ما بقوم حتى يبدّلوا ما بأنفسهم، هذا هو دواء القلوب كما أن العقاقير أدوية الأجسام. والأدوية لا تُفيد جسماً يعاشر صاحبه المرضى ويعرّضه في كل لحظة للعدوى، وأدوية القلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>