للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجفّ الضرع وهلكَت المواشي. فدعا إلى إحياء سنّة الاستسقاء، وكتب إلى الملك الظاهر، الرجل العظيم الذي طهّر بلاد الشام من الأعداء الثلاثة الكبار: المغول والصليبيين والبيزنطيين وأعاد الوحدة بين مصر والشام. وخرج الناس للاستسقاء في يوم ١١ جمادى الأولى سنة ٦٦٨ هجرية، ومنّ الله على الناس بالمطر.

وكان المطر قد انقطع في الشام أيام الوحدة سنين متعاقبات كانت حالنا فيها كحال الشام التي ذكرتها على عهد الإمام النووي، حتى إن عين الفيجة التي كانت تسقي دمشق كلها وكان منها ثلثا ماء بردى قد قلّ ماؤها وكاد يغور. ونظرتُ فوجدت سنّة الخروج للاستسقاء قد نُسِيَت في الشام من مئة سنة أو أكثر من مئة سنة. وكان لي حديث أسبوعي في الإذاعة يُذاع بعد صلاة الجمعة، في مثل الوقت الذي تسمعون فيه الآن من الرائي هنا حديث «نور وهداية»، وقد استمرّ ذلك البرنامج في الإذاعة كما استمرّ برنامج «نور وهداية» حتى كاد يُنهي سَنَتَه التاسعة عشرة.

وكنت يومئذ أكتب أحاديثي، لا أرتجلها ارتجالاً كما أصنع الآن. وليتني بقيت على ما كنت عليه، فلقد أضعت على الناس بترك كتابتها نفعاً كبيراً كما أضعت على نفسي جهداً أكبر. والناس يرونني أجيب بلا إعداد فيحسبون أن أجوبتي الآن في الإذاعة والرائي كلها ارتجال، مع أنني أنفق في بعضها ساعات طوالاً أراجع فيها المسألة وأُعِدّ فيه الجواب.

فلما كان يوم الجمعة من شهر كانون الأول (ديسمبر) سنة ١٩٥٩ قلت في حديث:

<<  <  ج: ص:  >  >>