للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأزالوا المنكَرات، وردّوا المظالم، وأدّوا الحقوق، وتصدّقوا بما استطاعوا، ثم يخرج أهل البلد جميعاً، حكامهم أمامهم، إلى البرّية متذلّلين خاشعين لله ناكسي رؤوسهم (وربما صاموا قبل ذلك ثلاثة أيام) وأخرجوا معهم صبيانهم وصلّوا صلاة الاستسقاء ودعوا واستغفروا وابتهلوا.

قلّ المطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجدبَت الأرض وهلكَت المواشي، فخرج رسول الله عليه الصلاة والسلام متبذّلاً (أي بثياب متواضعة) متضرّعاً خاشعاً حتى أتى المصلّى. وكان في كل بلد ساحة يجتمع فيها أهل البلد كلها لصلاة العيد، وكان في دمشق مصلّى كبير في ميدان الحصى، أي في موضع حيّ الميدان الآن. ولا يزال اسم الحيّ الذي يليه حيّ باب المُصلّى (في دمشق) معروفاً إلى الآن.

أتى صلى الله عليه وسلم المصلّى، فلم يزل في الدعاء والتضرّع والتكبير والاستغفار، ثم استقبل القبلة فاستسقى، فلم يرجع حتى أنشأ الله سحابة فرعدَت وأبرقَت ثم أمطرَت بإذن الله، فلم يأتِ مسجده حتى سالت السيول.

وكانوا يُخرِجون الصالحين فيتوسّلون إلى الله بدعائهم، لا بأشخاصهم. لما خرج عمر يستسقي أخرج العباس وقال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبيّك، وها نحن نتوسل إليك بعمّ نبيّك". ثم قدمه ليدعو لهم، فدعا العباس فقال: "اللهم إنه لم ينزل بلاء إلاّ بذنب، ولا يُكشَف إلاّ بتوبة، وقد توجّه القوم بي إليك لمكاني من نبيّك. وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا بالتوبة، فاسقِنا الغيث".

<<  <  ج: ص:  >  >>