للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أيها السامعون، إن دعوة واحدة تصدر عن قلب مخلص لله واثق من الإجابة قد يرفع الله بها هذا البلاء. لما كان القحط على عهد عمر وجّه رجلين من الأنصار معهما إبل كثيرة عليها الميرة والتمر، فدخلا اليمن فقسما ما كان معهما إلاّ فضلة بقيَت على جمل. قالا: فبينما نحن مارّان نريد الانصراف فإذا نحن برجل قائم قد التفّت ساقاه من الجوع يصلّي، فلما رآنا أسرع في صلاته ثم قال لنا: هل معكما شيء؟ فصببنا بين يديه وقلنا: هذه من عمر. قال: والله لئن وكَلَنا الله إلى عمر لنهلكنّ. ثم أعرض عنّا وترك ما قدّمنا إليه وعاد إلى صلاته، ومدّ يديه يدعو، فما ردّهما نحوه حتى أرسل الله السماء بالغيث.

ولمّا أجدبَت السماء في الأندلس على عهد الخليفة الناصر أمر القاضي منذر بن سعيد البلوطي أن يخرج بالناس إلى الاستسقاء، فقال القاضي لغلامه قبل أن يخرج: اذهب فانظر ماذا يصنع أمير المؤمنين. فعاد فقال له: وجدته في ثياب رثّة، واضعاً جبهته على الأرض يبكي ويقول: اللهم إن كنتُ أذنبت فلا تُهلِك الناس بذنبي. فقال القاضي لغلامه: يا غلام، هات المِمْطر (أي الرداء المشمّع الذي يدفع المطر)، فإنه إذا خشع جبّار الأرض رحم جبّار السماء.

وخرج فاستسقى فنزل المطر (١).

فيا أيها السامعون، أحيوا سنّة نبيّكم في الاستسقاء، واجتلبوا الأمطار بالدعاء والاستغفار. إنها سنّة من سُنَن الإسلام ولكنها


(١) القصّة في كتابي «رجال من التاريخ» (واسمها «خطيب الزهراء»).

<<  <  ج: ص:  >  >>