للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُسِيَت في بلاد الشام، فما علمت أن أهل الشام خرجوا يستسقون من مئة سنة أو أكثر. فأحيوها، فإن من أحيا سنّة كان له أجرها وأجر من عمل بها.

* * *

ومرّ الشتاء كله ولم تنزل الأمطار. بل لقد تجرّأ واحد من الحكام يومئذ فقال في خطبة له ألقاها: "إننا سنتخذ من التكنولوجيا (١) وسائل جديدة تُغنينا عن استجداء السحاب وانتظار المطر". وكانت كلمة فاجرة من عبد ضعيف مدّعٍ، لا يستطيع إذا حبس الله الغيث أن يُنزِله ولا إذا غيّض الله العيون أن يُفيضها، ولا يملك لنفسه، فضلاً عن أن يملك لغيره، نفعاً ولا ضراً.

واستمرّ الجدب والقحط، فقلت في حديثي الأسبوعي في الإذاعة يوم الجمعة الثلاثين من أيلول (سبتمبر) ١٩٦٠: بدأَت اليوم في التقويم أيام الشتاء، فإذا أردتم أن يكون شتاء خير، وأن تنفتح السماء بالمطر، وأن ينشقّ الثرى بالثمر، وأن يرحمكم مَن في السماء، فارحموا أنتم مَن في الأرض، أعطوا ممّا تملكون ليُعطيكم الله ما لا تملكون.

وحثثت الناس على التوبة وعلى الرجوع إلى الله، ونصحت الحاكمين بالتمسك بشرع الله، وبيّنت أحكام الخروج للاستسقاء وما ينبغي أن يصنع الناس قبلها:


(١) كلمة التكنولوجيا سَرَت على الألسنة، وهي مؤلَّفة من كلمتين يونانيتين معناهما التقريبي علم الإتقان، وأنا أرى أن نقول «تِقانة» على وزن نِجارة وحدادة وطيانة، وهو شِبه قياسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>