للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرئيس جمال عبد الناصر بعد مفاوضة معه طويلة، قال في خطبة له في جماهير الناس: إن عفلق يحاول أن يأتي بالجملة فلا تجيء واضحة، فيقول: «يعني»، ويحاول توضيحها وصوغها من جديد، فلا يزال في «يعني» و «يعني» وهو، "هو ما يعنيش حاجة"!

وهذا تعليق لم يكن مقصوداً وليس من صلب ذكرياتي ولا هو من مقاصدي، ولكنها كلمة جاءت عَرَضاً.

* * *

أمّا الكتاب الذي جاءني فهو من «مصري» يعمل هنا في المملكة، لم يكتب اسمه ولم يعرّف بنفسه، يحمل عليّ. يقول بأنني أكتب عن عهد الوحدة وعن عبد الناصر كتابة ليس فيها شيء من الحقيقة وليس فيها تسجيل لتاريخ، ولكنها عداوة مستقرّة في نفسي لمصر وللرئيس عبد الناصر، وكره للوحدة وحبّ للانفصال.

هذه هي خلاصة الرسالة. على أنها ليست شيئاً جديداً، فإن ما جاء فيها قد قِيل عنّي من ربع قرن، من يوم الانفصال، وأُعلِن ونُشر في الصحف وكُتبت فيه مقالات واشتغل به الناس أمداً، فما أنت بأوّل من كتبه. لقد كشفت أميركا ولكن على الخريطة، فظننت بأنك سبقت بذلك كرستوف كولومبس إلى هذا المجد!

إن الصداقة والعداوة إنما تكونان بين الأكْفاء والنظراء، فهل تراني كُفؤاً لعبد الناصر أو نظيراً له حتى أصادقه أو أعاديه؟ وأين أنا منه؟ أمّا قبل أن يفعل فعلته التي فعل فقد كان ضابطاً من آلاف الضبّاط لا يدري به أحد خارج دائرته الصغيرة، وكنت أنا كاتباً معروفاً ومؤلّفاً يقرأ له الناس، فلما صار الرئيس عبد الناصر صار

<<  <  ج: ص:  >  >>