للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمالوا معه فحكموا له علينا. فإن سألتهم: ما ذنبنا عندكم؟ كان ذنبنا أنّا كرهنا الوحدة وأعرضنا عن تلك الجنّة وملنا مع المستعمرين.

أنحن نكره الوحدة وَيْحَكم؟ أنكره الوحدة وفينا وُلدت، وتحت أيدينا نشأت، ونحن أحقّ بها وأهلُها؟ هل صدّقتم أننا نكره الوحدة؟ هل صدّقتم أننا استجبنا إلى المستعمر؟ أنستجيب إلى المستعمر ونحن كنا أولَ من حاربه ونازله في إبان قُوّته وعنفوان سلطانه؟ أين كان هؤلاء الذين يكتبون عنّا اليوم فيجرائد عبدالناصر في لبنان يوم كنا نحارب فرنسا في الساحل وفي الشمال وفي الجبل وفي الغوطة؟

(إلى أن قلت): أفحاربناها وثرنا عليها، وروينا أرضنا من دمائنا وتركنا نصف دمشق خراباً في قيامنا عليها، لنعود الآن إليها وإلى أخواتها من دول الاستعمار؟ معاذ الله. ولئن كان فينا نفر رُبّوا في مدارسها وعاقروا كؤوس اللذّات في مواخيرها فاستهوتهم بفسوقها، فما هؤلاء هم الأمّة وما هؤلاء من الأمّة، ولا تخلو من أمثال هؤلاء أمّة.

فدعوا هذا الكلام المكرّر المُعاد المَمْلول، فلقد عرف الناس جميعاً أنه ليس عندكم ولا عند البوم الناعب من «صوت العرب» (١) إلاّ مقطوعة واحدة تردّدونها كلما خالفكم مخالف في رأي، هي التهمة بالرجعية والاستعمارية والصهيونية وأن مخالفكم


(١) أي في تلك الأيام، وأظنّ أن اسمه أحمد سعيد؛ لم أعرف في عمري مَن هو مثله في صفاقة الوجه ووساخة اللسان وثقل الدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>