ولهذا الجامع مزايا ربما تحدّثت عنها يوماً في بعض الذكريات.
ذهبت إلى المسجد فوجدت حشداً هائلاً وازدحاماً كبيراً كالذي كان فيما سَمّيناه «الأسبوع الثقافي» يوم خطب الصديق العلاّمة الشيخ أبو زهرة رحمة الله عليه، ووجدت الإذاعة قد نقلت آلاتها واستعدّت لإذاعة هذه الخطبة في كل مكان يصل إليه صوتها. وألقيت كلمة مكتوبة، لم تُنشَر كاملة قبل اليوم وإنما نشرت في «الأيام» جزءاً منها.
وهذا هو نَصّ الخطبة التي أُلقيَت وأذيعت من جامع التوبة في دمشق يوم الجمعة السادس من الشهر العاشر من سنة ١٩٦١:
الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله.
أتذكرون ليلة اجتمعنا بكم في هذا المسجد من نحو خمسة أشهر، بعدما افتتحنا الموسم الثقافي الإسلامي في جامع تنكز وأعلنّا فيه كلمة الحقّ؟ لقد جنّدوا يومئذ المئات من رجالهم، ودسّوا بين الناس جواسيسهم ليُوقِعوا الفتنة بينكم، فلم يستجِب لنداء الفتنة أحدٌ منكم. وأطفؤوا الأنوار تسعين دقيقة ليفرّقوكم ويُحِلّوا الاضطراب فيكم، فتكلّم الخطباء في الظلام وسمع الناس في الظلام. ونحن نحبّ النور، ولكنا لسنا أطفالاً يخافون الظلام. وأشعلتم المصابيح فضوّأتم المسجد.
أرادوا أن يطفئوا نور الله بأفواههم وأبى الله إلاّ أن يُتِمّ نوره. وها هو ذا النور قد تمّ، وها نحن أولاء نجيء في وضح النهار لنعلن كلمة الحقّ كرة أخرى.