الإعلامي بل الإسلامي. هل أُثاب عليها أم أؤاخَذ بها؟ ألا يمكن أن أكون قد أعنت بها على زيادة الفرقة والانقسام؟ إن لي نفساً لوّامة، أعمل العمل ثم أعود فألوم نفسي عليه وأحاسبها به في الدنيا قبل يوم الحساب. فهل أنا المخطئ فيها المَلوم عليها؟ هل يُلام مَن يشتكي وقع السياط عليه ويصرخ أو يشتم، أم يُلام من يضربه بغير حقّ؟
أمّا رأي الناس فلا أزعم أني لا أبالي به أبداً، ولكن أقول صادقاً إنني لا أبالي به كثيراً؛ إن الذي يهمّني ألاّ أُسخِطَ الله عليّ وألاّ أعمل عملاً أعرّض به نفسي لعقابه. فهل يعاقبني الله على هذه الكلمة وعلى موقفي يوم الانفصال؟
الله يوم القيامة لا يسألنا فقط: ماذا عملتم؟ بل يسألنا: لماذا عملتم؟ أي أن الله يحاسب على النيّات مع حسابه على الأفعال. بل إن المعوَّل عليه ما في القلب:{يومَ تُبلَى السرائرُ}، أي تُختبَر النيّات وما تنطوي عليه الضمائر. والله يعلم أنني ما أردت بها جلب منفعة لي (ولا جلبتُها)، ولا أردت دفع مضرّة عني (ولا دفعتُها)، بل أردت بها المشاركة في إقامة الحقّ وفي إنكار المنكَر، وفي ذمّ المسيء وفي مدح المحسن.
* * *
وجاءت خطبة الجمعة. وكنت قد وعدت أن أتولاّها أنا وأن تكون في جامع التوبة في حيّ العقيبة في طرف دمشق، أو كان يومئذ في طرفها. في هذا الحيّ وُلدت وفيه درجتُ، وفيه فتحت عيني على الدنيا، ولي في جامع التوبة ذكريات جَمّة وتاريخ طويل،