للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنهم سيبقون إخواناً؛ سيسكت من يتكلّم علينا من «صوت العرب» ويسكت من يدافع عنّا من إذاعة دمشق، ويبقى نشيد «الله أكبر» يدوّي ويجلجل من مصر ومن الشام، ويبقى صوت القارئ في مصر وصوت القارئ في الشام يُذيعان في الدنيا الخير والحقّ والهُدى حين يُذيعان آيَ القرآن.

إنها لن تنفصم عُرى أُخُوّتنا ولن تتفرّق وحدتنا، ما دامت تجمعنا كلمة «الله أكبر» ويجمعنا كتاب الله. وستبقى الوحدة غايتنا، إن لم تنجح تجرِبتها الأولى فينا فسنعيدها كرّة أخرى، ومرّة ثالثة، ولا نزال نجرّب حتى يُكتَب لتجرِبتنا النجاح.

إنها وحدة قرّرها ربّ العالَمين، ونزل بقراره الوحيُ الأمين على قلب سيد المرسَلين فقال له: {إنّما المؤمنونَ إخوةٌ}، وما قرّره الله لن يُبطِله إنسان، وما أبرمه الله لا تنقضه يد بشر.

وبعد، فلقد كدت أثني على القائمين بهذه الثورة وأذكر لهم أنهم اتبعوا فيها طريق العقل وسلكوا سبيل الإخلاص، وأنهم ضربوا للناس مثلاً ما سمعنا به من قبل حين نفضوا أيديهم من الحُكم وعادوا إلى ما كانوا عليه من قبلُ، خاضوا المعركة وعفّوا عن الغنائم.

لقد كدت أثني عليهم، ولكني ذكرت أن هذه المنابر ليست للدنيا ولا لأهلها، ولا هي للحكومات ولا لأربابها، وليست للمدح ولا للذّم. لقد طالما اتُّخذت وسيلة إلى الدنيا وسُخّرت لأهواء الحاكمين، وركبها أناس ليسوا خليقين بها وليسوا من أهلها يمدحون من فوقها ويذمّون، يمدحون كل حاكم، فإذا زال وجاء

<<  <  ج: ص:  >  >>