للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قديم جداً عند العرب، وقد كان يُسمّى خيال الظل، وهو الذي كنا نعرفه ونحن صغار باسم «كراكوز». وترجمة الكلمة الحرفية: «صاحب العين السوداء»، وقد أشار إليه الغزالي في «الإحياء» وكانت توضع له قصص وحوار، واشتهر به الطبيب الكحّال ابن دانيال. وليس هذا موضع الكلام فيه.

* * *

أعود بعد هذا الاستطراد إلى ما كنت فيه: لما عرضوا عليّ أن أتكلم في الرائي تردّدت وخشيت أن يكون ظهوري فيه دافعاً بعضَ الناس إلى اقتنائه، وربما رأوا فيه ما يضرّهم فأكون أنا السبب في ذلك. ثم لما ألحّوا عليّ ورأيت النفع في ذهابي اشترطت عليهم شرطاً.

ولم أكن -أقول لكم الحقّ- من العباد الزاهدين ولا من المتشددين المتزمتين، ولكن أحببت أن ألقّنهم درساً وأن أُظهِر عِزّة العلماء، فاشترطت عليهم ألاّ أرى في طريقي إذا دخلت بناء الرائي امرأة سافرة. فخبّؤوا البنات في الغرف وأغلقوا عليهن الأبواب ومنعوهن من الخروج، وصارت حادثة تُروى ويُتحدَّث بها. وما أدري هل أحسنت بذلك أم أسأت؟ هل طبّقت حكم الشرع فكان خيراً أم وضعت في نفوسهم صورة قبيحة عن تزمّت المشايخ وعن شدّتهم؟

وكانت هذه هي التجرِبة الأولى لي مع الرائي.

كنت أحدّث في الإذاعة من قديم، من أكثر من خمسين سنة، من يوم أُنشِئَت محطّة «الشرق الأدنى» في يافا بعد إنشاء

<<  <  ج: ص:  >  >>