للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم فهم على خطأ؛ فأنا لم أكن من أهل السياسة ولن أكونه إن شاء الله. وما أنا من فئة ولا حزب، أنا من حزب الله وأنا أخو مَن أطاع الله. كل من سلك سبيل الله وعمل على طاعته ونُصرة شريعته من الحاكمين والمحكومين فأنا معه جندي مطيع، لا أبتغي أجراً إلا من الله، وكل من خالف عنها وعمل بالمعاصي وحارب الله ورسوله فأنا عليه فدائي متطوع، لا أخاف -إن شاء الله- إلا الله.

وما قابلت -والله- من الحاكمين اليوم ولا من الضباط الثائرين أحداً. ما لقيتهم لقاء فضلاً عن أن آخذ من دنياهم أو أن أنال المكافآت منهم كما زعم هؤلاء المرجفون. وما زرت أحداً منهم لا مهنّئاً ولا طالب حاجة، وما لي بحمد الله حاجة إلى أحد منهم. والذين كانوا وزراء من قبلهم كنت أعرف أكثرهم، وكان فيهم اثنان من أصدقائي وواحد من رفاقي في المدرسة واثنان من تلاميذي، فما زرت واحداً منهم ولا سألته حاجة لنفسي.

وذلك دأبي في الحياة كلها، حتى إن وزارة العدل (وهي إلى جنب محكمتي) لا أدخلها إلا نادراً، والبناء الجديد فيها ما دخلته إلى الآن. ولقد تولاها ثلاثة لم يكونوا من أصدقائي فقط بل كانوا عندي بقرب إخوتي من أبي وأمي، هم منير العجلاني ومصطفى الزرقا ونهاد القاسم رحمه الله، رتّبت أسماءهم على ترتيب تولّيهم الوزارة وسمّيتهم بأسمائهم فقط لأنها من الأسماء التي تقوم وحدها، لا تحتاج إلى أن تسندها بالألقاب كما تسند المريض بالعصيّ. فكنت أبتعد عنهم وهم في الوزارة، فإذا زالت عُدت إلى صلتي بهم. ذلك لأني تعوّدت أن أصادق الرجال لا الكراسي. والحاكمون يعلمون أني لا أسكت عن إنكار المنكَر إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>