عمارة المحكمة العليا، وهي بناء فخم له واجهة قائمة على أعمدة عالية، وعلى ظهر البناء قبّة مشمخرّة من أرفع ما رأيت من القباب، ومن حولها الأبنية البارعة.
وقد بنى الإنكليز في هذه البلاد بناء من ظنّ أنه سيقيم فيه إلى الأبد. ومن روائع الأبنية في الدنيا قصر نائب الملك في دهلي، ودار البلدية في كراتشي، والمحكمة العليا والعمارات العظيمة في بومباي عروس آسيا.
ووراء المدينة من جهة البَرّ البساتين والحدائق، فإذا جُزْتَ بها وجدت بين الجزيرة (أي سنغافورة) وشبه جزيرة الملايا مضيقاً لا يجاوز عرضه عرض نهر دجلة، عليه جسر ثابت يوصل إلى مدينة جوهور.
وأكثر سُكّانها من أهل الصين، الأسواق ممتلئة بهم، تعرفهم من الحروف الصينية على مخازنهم ومن هيئاتهم وملامحهم، ونساؤهم يشاركن الرجال في الأعمال كلها، ولباسهن (هذا الإزار الضيّق) كاد يصل مع الأسف إلى بعض نسائنا، وهُنّ يتّخذن له شِقّين من الجانبَين فتبدو منه أفخاذ المرأة أو أكثرها، وهن يمارسن كل عمل، ولست أدري من يتولى عنهن أمر بيوتهن!
فإن طلبتَ سيارة وجدت مكان السائق امرأة صينية، وإن أردت أن تحلق شعرك وجدت بدل الحلاّقين حلاّقات صينيات، وفي الدكاكين بائعات من أهل الصين ... والصينيون شعب تجاري بارع، وأولادهم يحملون السلع في الشوارع يعرضونها على السياح والأجانب بأساليب عجيبة. وقد تعلّق بي صبيّ صيني صغير