للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الشرّ في شيءٍ وإنْ هانا».

وكان آل كريم لشهرتهم يُنسَب إليهم أسباطهم، أي أبناء بناتهم، حتى إن الشيخ كامل القصاب الذي يعرفه الناس هنا، والذي كان إماماً في التعليم وعَلَماً في الوطنية والنضال للاستقلال، كان يُدعى أول أمره الشيخ كامل الكريم. وكان آل فيصل، أسرة شكري، من أسباط بيت كريم، ولكنهم كانوا فتوّات حقيقة. وكان في صفحة وجه عمّ شكري أو في وجه أبيه (نسيت أنا) أثر ضربة سيف قد التأمت مع الأيام، وسألته يوماً عنها فقال: هوه، هوه! هذا أثر من معركة عظيمة خضناها يوماً. قلت: هل كانت من معارك الحرب العظمى التي ساقوكم جنوداً إليها؟ قال: لا، بل هي معركة بيننا وبين أهل العمارة (وحيّ العمارة معروف في دمشق) حتى تمّ لنا فيها احتلال مصلبة للعمارة (والمصلبة في الشام تقاطع شارعين).

والناس الذين يحنّون إلى الأيام الماضية ينسون أننا رأينا بعدها شراً كثيراً كما رأينا خيراً كثيراً. ولو علمتم أن بين العُقيبة والعمارة أقلّ من مئتَي متر، البيوت فيها متصلة لا تفصل بينها ساحة حرب ولا ميدان قتال، ولو عرفتم أن أحياء الشام كانت ونحن صغار (وقبل ذلك) في نزاع وخصام وقتال، لرأيتم أننا صرنا الآن إلى خير ممّا كنا عليه.

وكانت أم شكري أخت المربّي المصلح والمعلّم القديم الشيخ محمود ياسين الحمامي. وقد قضى الله أن يفترق الزوجان وشكري صغير، فكانت عليه من المصائب المبكّرات، ولكنها جرّت عليه خيراً كبيراً. وكذلك يقدّر الله بكرمه ما يسوء فيجعل معه

<<  <  ج: ص:  >  >>