للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأدب العربي من مصر سنة ١٩٥١ (على ما أظنّ)، ولم يحصل عليها قبله من الشام إلاّ أسعد طلس وزكي المحاسني. وفي تلك السنة حصل أخي عبد الغني على الدكتوراة في الرياضيات، وكان أوّل من حمل هذه الشهادة في بلاد الشام. وكان يرتقب أن يحصل عليها قبل ذلك بعشر سنين من «السوربون»، ولكن قامت الحرب سنة ١٩٣٩ فتعذّر رجوعه إلى فرنسا.

لم أكن على صلة به في السنين الأخيرة. انقطع الاتصال، لكن لم ينقطع الودّ، حتى قرأت أنه تُوفّي في سويسرا وأنهم نقلوه بعد موته بثلاثة أيام إلى المدينة المنوّرة وصلّوا عليه في المسجد النبوي. وكنت أتمنّى أن يُدفَن حيث توفّاه الله، اخترت له الذي اخترته لبنتي بنان رحمها الله. وهذه أول مرّة أذكر فيها اسمها، أذكره والدمع يملأ عيني والخَفَقان يعصف بقلبي، أذكره أوّل مرّة بلساني، وما غاب عن ذهني لحظة ولا غابت صورتها عن جناني.

لما قضى الله فيها ما قضى سألوني في نقلها، قلت: لا، بل توسّد حيث أراد الله لها أن تُستشهَد لأن نقل الميت لا يجوز، وما أحفظ أنه رُوي عن أحد من السلف. قالوا: فكيف إن مات المسلم في بلد ما فيه مقبرة إسلامية؟ قلت: كم هم الذين ماتوا في معارك الفتوح من الصحابة والتابعين ومَن تبعهم من خيار المسلمين؟ هل أخّروا دفنهم حتى يجدوا لهم مقبرة إسلامية أم واروهم الثرى حيث أدركهم الموت؟ هذا أبو أيوب الأنصاري الذي نزل الرسول عليه الصلاة والسلام داره في المدينة حين هاجر إليها لأن ناقته التي كانت مأمورة وقفت على باب هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>