للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخشيت أن ينتقد الناس هذا الموقف منه، ولكن أثر الإيمان بدا واضحاً، فإذا وكيل الوزارة والسفير والقائم بالأعمال وأكثر المستقبلين يقفون معه، يصطفّون وراءه ليصلّوا بصلاته. وكانت ساعة خشوع، وكانت خيرَ فاتحة لأيامنا في أندونيسيا إذ ألقى الله محبّة الشيخ وإكباره في نفوسهم. ومَن أحبّ الله بامتثال أمره واتّباع شرعه حبّبه الله إلى الناس وأعلى منزلته فيهم.

لقد بقينا في كراتشي أكثر من عشرين يوماً ننتظر سِمَة الدخول إلى أندونيسيا والسفارة هناك تؤجّل وتتعلّل بالعلل، وقد عرفنا الآن سبب ذلك التعلّل والتأجيل. كان السبب أزمة المساكن، فلم يكن في جاكرتا مكان لقادم ينزل فيه إن لم يكن قد حجزه من قبل، وما تأخّروا بإعطائنا سمة الدخول إلاّ ليهيّؤوا لنا مكاناً في الفندق، وقد أخذونا إليه الآن.

ومشينا في الشوارع تظلّلها الأشجار الكبار (الكبار جداً) وتكتنفها البساتين، تُخفي البيوت الملوّنة، فتبدو من خلال الغصون والأوراق كأنها فكرة تلوح لكاتب أو صورة حلوة تتراءى من خلال الأحلام لشاعر. أمّا الفندق الذي أخذونا إليه فهو فندق الشركة الهولندية التي جئنا بطياراتها، شركة «ك ل م»، وكانت من أكبر شركات الطيران يومئذ وأقدمها، ولكن فندقها هذا عجب؛ إنه يشبه ثكنة أو شيئاً كالثكنة، ولم أرَ مثله إلاّ الفندق الأميركي الذي نزلنا فيه بعدُ في دهلي الجديدة (نيودلهي).

وهو ساحة مربّعة حولها صفوف من الغرف، كل غرفة منها لها شرفة واسعة تُفضي إلى غرفة أخرى للنوم فيها حمّام. ووراء

<<  <  ج: ص:  >  >>