للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي قرية أخذونا إليها يسمّونها «كاراشيك»، انبثق منها نور الإسلام على البلاد، وقالوا إن الاسم محرَّف عن العربية وإن أصله «قرأ الشيخ»، قلت: لِمَ لا يكون أصله «مقر الشيخ»؟ قالوا: هذا أَولى.

والقرية قديمة قائمة على تلّ عالٍ قرب سورابايا في أقصى الشرق من جاوة، والتلّ مغطّى كله بدَوْح الغاب. وما في جاوة أرض تخلو من النبات إلاّ أن تكون قد قُطعت أشجارها لتُتّخَذ مزارعَ للأرزّ.

لقد أحسستُ حين دخلت القرية كأنني عُدت إلى بلدي وأنِسْتُ بأهلي. وكان أول ما زرناه منها المسجد، وهو نظيف جداً وهادئ جداً، فيه طبلان كبيران عليهما تاريخ صنعهما في سنة ١٦٤٧، أي قبل أكثر من ثلاثمئة سنة. ومن أغرب البدع في شرقي جاوة أن في كل مسجد طبلاً يقرعونه بعد الأذان، يَدْعون الناس به إلى الصلاة على نحو ما ينادون على أبواب المساجد في الشام أحياناً: "الصلاة يا مصلّون"، وهذا هو التثويب، ولم يكن في صدر الإسلام. وهذان الطبلان كالبرميلين العظيمَين منتفخَي الوسط، قُطر كل منهما من وجهه متر ونصف المتر وطوله متران ونصف المتر.

ومنبر المسجد على هيئة كرسي مزخرَف قديم مصنوع من خشب الساج، والمسجد مبني سنة ١٦١٩، بناه بوسبونوغورو (وناغارا أو نوغورو كلمة معناها دولة، فصار معنى الجملة «زهر الدولة»).

<<  <  ج: ص:  >  >>