للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتشد أهل القرية في المسجد لرؤيتنا، واصطفّ الجند وتلاميذ المدارس وساروا أمامنا ووراءنا، فتركنا السيارات ومشينا معهم في موكب رسمي، ولحقتنا جموع الأهلين، فسلكنا طرقاً كطرق القرى الشامية الجبلية، حتى وصلنا إلى رحبة مسوَّرة فيها أشجار عالية وفي وسطها درابزين من حديد، فيها ثلاثة قبور من الحجر ليس عليها زُخرُف ولا نقش، أحدها قبر الشيخ إبراهيم المتوفّى سنة ١٤١٩ ميلادية، وهو الذي تَشرّف بحمل الإسلام إلى هذه البقاع. وسألت عن تاريخه وعن ترجمته فلم أجد علم ذلك عند أحد، وغاية ما قالوه أنه مغربي الأصل. وقد أخبرت بذلك السيد مكي الكتاني رحمه الله لما رجعت إلى دمشق، فقال إن هذا الشيخ من آل الكتاني، وقرأت مثل ذلك للأستاذ المنتصر في مقال قديم في «الرسالة» وقال إنه سمعه من الناس، والله أعلم بالحقيقة.

ثم ذهبنا إلى مدفن السلطان سنان كيري (أي عين اليقين)، وهو من خشب مزخرَف عليه نقش دقيق بارع. وهذا السلطان كان لقيطاً، وجدته امرأة اسمها ونصو، غنية تشتغل بالتجارة ولها سفن، فسلّمته إلى الشيخ إبراهيم فعلّمه وربّاه وجعله خليفته، فنبغ وكتب الله نصر الإسلام في شرقي جاوة على يديه، وكُرّمت المرأة التي وجدته ولُقّبت بالسيدة الواجدة، وقد نسيتُ لقبها بلسانهم.

وأذّن الظهر فصلّينا بمسجد بجوار المدفن وصلّى معنا قائد الجنود والتلاميذ والناس، ثم دعونا إلى غرفة في المسجد فشربنا فيها الشاي وتحدّثنا، وفهمنا أن لكل فرقة من الجند ومن الشرطة إماماً وواعظاً، وهم يقيمون الصلاة ويحضرون جميعاً مجالس الوعظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>