هو السكّر، ولكن طعمه في التفاح غير طعمه في العنب وغير طعمه في الموز والبطيخ. وكذلك الرائحة العطرة، أين رائحة الفل من رائحة الورد؟ وأين الياسمين من النسرين؟
والعيد الحقّ إنما يشعر به من يولي الإحسان، فيرى آثارَ إحسانه بَريقَ شكر في العيون، وبشاشة وانطلاقاً في الوجوه، وحمداً صادقاً على اللسان، ودعاء مخلصاً في الغيبة والحضور.
* * *
وصلنا جاكرتا في رمضان (١). ولرمضان في كل بلد إسلامي بهجة وجمال، لا تكاد تظهر بهجته ولا يبدو جماله في المدن الكبرى التي فتنها بريق الزجاج في حضارة الغرب عن حقيقة الألماس في دينها فأضاعت سجاياها بتقليدها، ولكن يظهر هذا الجمال في المدن الصغار، وفي القرى الأندونيسية حيث يصوم القوم النهار لا تجد فيهم مفطراً معلناً، فإذا كان العشاء أمّوا المساجد فصلّوا التراويح، ثم تجمّعوا للسهرات في بيوت الإخوان والأصدقاء، سهرات قد تطول حتى تصل الفطورَ بالسحور، يكون في بعضها المطالعة في الكتب والمذاكرة في العلم، ويكون في أكثرها البحث في شؤون التجارة وأحوال البلد، ويكون بعضها للتسلية واللهو، ولكنه لهو لا يصل غالباً إلى الحرام ولا يبلغ حدّ العبث.
(١) هذا القسم من الحلقة مأخوذ من فصل «في جاكرتا» المنشور في كتاب «في أندونيسيا» (مجاهد).