بعضاً. وأنا لا أفهم من لسانهم إلاّ الألفاظ العربية الباقية فيه، وهي كثيرة. منها ما هو لأسماء البلدان، فعندهم المدينة المنورة والكوفة والبصرة وخور سليمان (والخور كلمة عربية)، ومنها ما هو من أسماء الناس، فعندهم محمد وأحمد ويوسف وداود وعيسى وناصر وفؤاد وعبد الله وزين العابدين وتاج الدين وسراج الدين وعبد الحكيم ... وربما أضيف الاسم الأندونيسي إلى الاسم العربي، كأحمد سوكارنو وزوجته عائشة ونائبه محمد حتا وزوجته رحمى رحيم، وأحمد سوبارجو وزير الخارجية يومئذ، ومحمد روم وبرهان الدين هاراهاب وشمس الدين سوتن معمور وعلي ساستو ... ومنها ما هو مستعمَل بلفظه ولكن بتحريف لمعناه كلفظ «الشركة» بمعنى الجمعية، و «سؤال» بمعنى قضية، وفائدة وحاصل وأخلاق وعناصر ومسألة وسياسة ... وربما حُرّف اللفظ العربي فقالوا في كلمة ظاهر «لاهر» و «أكال» أي عقل و «نسكه» أي نسخة و «خلاياك» أي خلائق و «سابار» أي صبر. ومن أعجب ما عندهم أنهم يحرّفون لفظ الشعر إلى الشعير، فيشترك فيه إخواننا الشعراء مع إخواننا الحمير!
وهذا مشهد رأيته في جاكرتا أيام العيد، وقد أخذونا إلى دار واسعة فيها غرف مصفوفة حول حديقة فسيحة وممرّات تُطيف بها، سمعت لمّا اقتربتُ منها ضجّة أولاد وبكاء أطفال فقدّرت أنها مدرسة للصغار، فلمّا دخلتها لم أجد التلاميذ الذين يتعلمون، بل وجدت أطفالاً منهم من يزحف -لصغره- على الأرض ومنهم من يدرج يقوم ويقعد، ومنهم الكبير ومنهم الصبيان ومنهم البنات. أولاد بالعشرات، في كل غرفة أولاد، وفي الحديقة أولاد،