للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيثما سرت أولاد. أولاد في الأسرّة نائمون، وأولاد أكبر منهم يخدمونهم أو يطعمونهم أو ينظفونهم، والهيئات مختلفات والألوان متباينات، فمن بيض ومن سمر ومن سود، ومَن لهم هيئات صينية أو سمات عربية أو ملامح هولندية، فقلت: ما هذا؟ مستشفى؟ قالوا: لا. قلت: روضة أطفال؟ قالوا: لا. قلت ما هؤلاء؟ قالوا: أُسرة واحدة، لهم أب واحد وأم واحدة. قلت: لكلّ هؤلاء أم واحدة وأب واحد؟ قالوا: نعم ولا. قلت: ما هذه الأحاجي والمعميات؟ قالوا: هاك من يخبرك الخبر اليقين.

ونظرت فإذا امرأة أندونيسية في نحو الخمسين أو تزيد ورجل شيخ أندونيسي فوق الستين قد أقبلا علينا، وعرّفوهما بنا فإذا هما صاحبا الدار، وإذا خبرهم العجيب، العجيب حقاً، أن هذه المرأة ورثت من أبيها مالاً كثيراً، وكان قد توفّي وهي صغيرة فربّاها خالها (والخال في أندونيسيا هو الذي يتولّى أمر بنات أخته قبل العَصَبات من أهليهم). فلمّا كبرَت خطبها هذا الرجل وكان من الأغنياء، ووفّق الله بينهما وألقى بينهما المودّة والرحمة فعاشا سعيدَين. اجتمع لهما المال الذي يملأ اليدين والحب الذي يملأ القلبين، ولكنهما اشتهيا الولد فما جاءهما الولد. كانا من الصنف الرابع؛ وقد صنّف الله الناس أصنافاً، فالصنف الأول من يَهَب له البنات، والثاني من يهب له الذكور، والثالث من يزوّجهم ذُكراناً وإناثاً، والرابع من يجعله عقيماً. فكان هذان الزوجان من الصنف الرابع: اشتهيا الولد فما جاءهما الولد، وما نفعهما طِبّ طبيب ولا وصفة مجرّب ولا سحر ساحر ولا شعوذة دجّال. وتفطّر قلبها وكرهت حياتها وضاقت بها، وضيّقت على الرجل حياته وكرّهتها

<<  <  ج: ص:  >  >>