للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى متى يقومان على هذه الدار ولِم لا يسلّمانها إلى جمعية أو مؤسسة؟ قالت: لمّا ضممت تلك البنت الأولى إلى صدري كان عمري إحدى وعشرين سنة، وقد نيفت الآن على الخمسين، ولكني لن أدَع هذا العمل حتى يُقعِدني الكبر أو يقطعني الموت، إلاّ أن يملّ فلان (وأشارت إلى زوجها). فنظر إليها نظرة يقطر منها الحب وقال لها: أنا معك حتى الموت.

* * *

جاءني العيد (١) وأنا ضيف الحكومة الأندونيسية؛ أنزلتني في فندق الهند، أكبر فنادق الشرق، في جناح فخم أبهى وأوسع من منازل السادة الكبراء. وكان عندي كل ما يشتهي امرؤ أن يكون له: المال في جيبي والسيارة على بابي والمُرافق قيد أمري، ولكن شيئاً واحداً لم يكن عندي هو بهجة النفس.

كنت وحدي، أرى الأسر الهولندية من حولي وشملها جميع وأهلها حاضرون، وأنا بعيد عن أهلي وبناتي، بيني وبينهن -كما قلت لكم- ربع محيط كرة الأرض.

كان الناس في عيد وأنا في كرْب، لا أجد من أكلّمه كلمة أو أفهم عنه أو يفهم عني، إلاّ الإخوة الكرام سفير مصر والقائم بالأعمال السعودي وبعض الأصدقاء، فإذا انصرفوا عني بقيت وحيداً مع همومي وضيق صدري واكتئابي. وما العيد إن لم يكن


(١) من هنا إلى آخر الحلقة من مقالة «صورة في الطريق»، وهي في كتاب «في أندونيسيا». وقد مرّ بكم طرف من هذه المقالة في الحلقة السابعة والسبعين من هذه الذكريات (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>