للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد وصف -على عادته- كيف قابل الملك ووصف ثياب القوم وأنها هذا الإزار (الفوطة) التي نراها اليوم، ووصف العادات والمُواضَعات وأنواع النبات، ولكنه لم يذكر شيئاً عن جغرافية البلاد وتاريخها واسم هذه المملكة وحدودها وصِلاتها بجيرانها.

والذي يغلب على ظني أن الإسلام قد دخل إلى هذه الجزائر قبل أن يصل إليها ابن بطوطة بأكثر من قرن ونصف القرن، حمله إليها التجّار المسلمون من طريقَين: من بلاد العرب، ولا سيما من حضرموت (والحضارمة فينيقيّو العصور الحديثة، يضربون في كل لُجّ ويخوضون كل بحر ويوغلون في البلاد، ولا تزال جالياتهم تملأ أندونيسيا والملايا، أي ماليزيا)، ومن بلاد الهند، ولا سيما من كُجُرات على الشاطئ الغربي.

بدأ الناس في شمالي سومطرة يدخلون في الإسلام أفراداً، ثم صاروا يدخلون فيه أفواجاً، ثم ألّفوا حكومة قوية هي مملكة أبتشيه التي زارها ابن بطوطة، والتي لبثَت تجاهد المستعمرين البرتغاليين أولاً ثم الهولنديين حتى قُضي عليها سنة ١٩٠٤، أي بعد زيارة ابن بطوطة بأكثر من خمسمئة وخمسين سنة.

واستمرّ هؤلاء التجار يحملون مبادئ الإسلام مع سلعهم وبضائعهم إلى كل مكان يصلون إليه، ثم قفزوا به قفزة واحدة من سومطرة إلى شرق جاوة، وكان الفضل في هذه النقلة لرجل اسمه إبراهيم (وقد مرّ الكلام عنه في هذه الذكريات لمّا زرت قرية كاراشيك) ومنها دخل سورابايا، ثم امتدّ إلى أطراف جزيرة جاوة؛ أي أنه مشى من الطرف البعيد عنّا إلى الطرف القريب منّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>