للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الإسلام كالنبع الصافي؛ كلّما ابتعدتَ عنه مياهه تعكّرَت وتلوّثَت، وقد وصل الإسلام إلى هذه الديار بعد أن ابتعد عن النبع، ابتعد في الزمان وفي المكان، وقد حمله تجّار لم يكونوا قطّ علماء منقطعين إلى العلم ولم يكونوا دُعاة متفرّغين للدعوة، ولم يكن همّهم نشر الإسلام إنّما كان همّهم الكسب والتجارة، ومع ذلك فقد انتشر الإسلام على أيديهم مثل انتشار النار في أكوام القش أو انتشار النور بين طيّات الظلام، حتى عمّ هذه الجزرَ فصار فيها اليوم أكثر من مئة وخمسين مليون مسلم، كانوا -لولا ما حاق بهم- من أكثر المسلمين حماسة للإسلام وحباً له وإقبالاً عليه، ولو كان علمهم بحقائقه كممارستهم له لكانوا خيار مسلمي الأرض.

وكان من دواعي انتشار الإسلام إقبال هؤلاء التجّار على الزواج بالجاويّات. وهُنّ من أحلى النساء حلاوة وإن لم يكنّ من أجملهن جمالاً، حلوات كعرائس المولد في مصر التي تُصنَع من السكّر الهشّ الطري! لا تكاد تعمل فيهن الأيام، وهُن ذوات رقّة وطاعة للزوج وإخلاص للعشير، فوُلد من هذا الزواج جيل جديد ما عرف إلاّ الإسلام لأنه وُلد فيه ونشأ عليه، جيل يجمع مزايا الأبوين وسجايا الجنسين، هؤلاء التجّار المغامرين والنساء من أهل البلاد.

وفي سنة ١٤٥٠ ميلادية كان حادث غريب؛ فقد أحبّ الملك كرتا ويجايا، ملك جاوة الوسطى، الأميرةَ المسلمة أتشمبا، وسألها الزواج فأبَت حتى يُسلِم، فأسلم. وكان إسلامه فاتحة عهد جديد انتشر فيه الإسلام في جاوة الوسطى، ونشأت

<<  <  ج: ص:  >  >>