للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سومطرة سطع نور الإسلام على هاتيك البلاد، ولعلّ سَبْقها إليه لأنها على الطريق التجاري بين الهند وفارس وجزيرة العرب من جهة الغرب، وبين الصين وما وراءها من جهة الشرق.

ما حمل الإسلامَ إليها جيشٌ مقاتل ولا قائد فاتح، بل حمله -كما سبق القول- تجّار، ما دعوا إليه بخطبهم ومحاضراتهم بل بأخلاقهم وحسن معاملاتهم. ولبث الإسلام يمشي خطوة خطوة ونوره يتسرب شعاعاً بعد شعاع كما يتنفس الصبح عن نهار يمحو سواد الليل، فما أهلّ القرن الخامس عشر الميلادي حتى صارت له قوّة وصار لأهله منعة وسلطان.

وقد عرفتم خبر الملك الذي ترك أبّهة المُلك في الهند ولبس مسوح الزهّاد وسمّى نفسه الفقير محمد، والذي أسلم على يديه ذلك الأمير ولُقِّب «الملك الصالح»، وتزوّج بأميرة ولاية برلاك وخلّف منها الظاهر والمنصور، وأنشأ مدينة فاسي، وأقام مملكة انتشر الإسلام منها إلى جميع جزر أندونيسيا، ومات رحمه الله سنة ١٢٩٧م.

وعرفتم أن مَلقة لمّا دخل الإسلام إليها تأسّس فيها (أي في الملايا) دولة إسلامية سنة ١٤٠٩، وكان ملكها ملكاً صالحاً استمرّ المُلك بعده، حتى ولي السلطان عليّ الدين رعيت شاه الأول (ملك الرعية) وكان صالحاً مصلحاً، أقام حدود الله وعبّد الطرق وبنى في مفارقها دوراً كاملة يأوي إليها المسافرون، وأقام من يحفظ ما يُعثَر عليه من المتاع المسروق أو المفقود حتى يُوصَّل إلى أصحابه، فساد الأمن ربوع البلاد وعظم شأن مدينة ملقة حتى أمّها الأمراء والتجّار من جميع أنحاء البلاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>