للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكتب والله الحلقة ولا أكاد أذكر ما قلت قبلها، ولا أدري شيئاً عمّا سأكتب بعدها. وكلما جاء يوم السبت تلفّتُّ حولي لعلّي أجد مهرباً منها أو عذراً أعتذر به عنها، كالتلميذ الخائف أو المعلّم الكسول الذي يحاول أن يفرّ من المدرسة بأوهى الأسباب. ولكن ما يبدو لي من حرص الناشرَين الكريمَين عليها (ولعلّ هذا الحرص مجاملة لي وحياء مني أن يقولا لي: لقد طوّلتَها وعرّضتها، فخلِّصنا منها وكُفّ أذى قلمك عنّا) وما أسمع من القُرّاء وعنهم من الاستراحة إليها والمسرّة بها، هذا كله يدفعني إلى المضيّ فيها.

وأنا أعترف أني بدأت ذكر أحداث لم أكملها بل انتقلت إلى غيرها، وأعترف أني أستطردُ وأتبع مناسبات المعاني، كما يتبع الراعي بغنمه مساقط القطر ومنابت الكلأ، فيضلّ السبيل ويضيع عن القصد.

وكثيراً ما بدّلَت طريقي رسالةٌ وردت إليّ أو اقتراحٌ طُرح عليّ، فحوّل مسيري من اليمين إلى اليسار ومن الشرق إلى الغرب. وهذه رسالة كريمة جاءتني من يومين، من مرسل يبدو أنه أستاذ كريم، يقول لي فيها: لقد اشتغلتَ بالتربية والتعليم -كما علمنا منك وسمعنا عنك- من زمن طويل، ولقد عرضتَ بعض ذكرياتك في التعليم، أفليس عندك ذكريات في علم التربية؟ ويا ليتك تعرّف من لا يعرف بهذا العلم وبتجارِبك بتطبيقاته، فتكتب حلقات إن لم يجئ فيها علم ينفع صغار المربّين فلا بدّ أن يكون فيها أدب وفنّ يُمتع جمهور القارئين.

<<  <  ج: ص:  >  >>