للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أن أحاديث الأطفال التي تُعرض في الرائي، إذا نظرتَ إليهم وجدتهم بين غافل عن الحديث أو منشغل بغيره أو متحدث مع رفيقه، ذلك لأنهم لا يفهمون ما يُلقى عليهم وما يُقال لهم.

* * *

ولي تجارِب صغيرة أسرد طائفة منها، لعلّ في سردها ما ينفع الآباء أو صغار المربّين.

لقد بكّرتُ في تعليم الأولاد حمل التبعات، فلما كانت بنتي الأولى تدرج، أي تتعلّم المشي ولا تُحسِنه، وكنا نأكل في صحن الدار، أخذتُ طبقاً فيه بقية طعام وقلت لها: لقد صرتِ كبيرة فاحملي هذا إلى المطبخ. فصاحوا جميعاً: إنها تكسره، فقلت: إنها كبيرة. ووضعتُه في يدها ووضعت الثقة في نفسها، فحملَته ومشت وعيني عليها، وكنت متأهّباً، حتى إذا رأيتها مالت إلى السقوط وثبتُ إليها فأمسكت بها.

وكانت هذه البنت تحب السهر، فلا تستطيع أن تأوي إلى فراشها حتى يدخل كل من في الدار في فراشه، ولا تقدر أن تُغمِض عينيها وفي المنزل واحد مفتوحة عيناه. وقد جرّبنا فيها الأساليب وبلونا معها الحيل، فلم ينفع معها ترغيب ولا ترهيب، حتى أخذ السهر من لون خدّيها ومن بريق عينيها ونال من صحّتها. وسألت إخواني فوجدت أكثرهم يلقى من أولادهم من كرههم للنوم وحبهم للسهر مثل الذي ألقى منها، ولم أجد عندهم دواء لهذا الداء. ففكّرت، فخطر لي خاطر.

فقلت لأم البنت: أنا أستطيع أن أحبّب إلى بنتك المنام وأكرّه

<<  <  ج: ص:  >  >>