للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأودية تهبط بمن يمرّ بها، وكذلك الدنيا صعود وهبوط. وأنا أؤكّد بعد هذا أن تلاميذ الأمس ليسوا في الجملة أذكى من تلاميذ اليوم، وأؤكّد أن أساليب التدريس اليوم أحسن منها بالأمس، وأن أكثر الأساتذة يعلمون من فروع العلوم الكونية والعقلية ما لم يكن يعرفه معلّمونا، ولكن التلاميذ -على هذا كله- صاروا أضعف.

خذوا كتبنا المدرسية وكتب الطلاّب في هذه الأيام: في كتبهم من العلم ما لم يكن في كتبنا مثله، بل إن فيها ما لم يكن يعرفه على عهدنا العلماء الكبار فضلاً عن التلاميذ الصغار. نعم، وهذه حقيقة لا يُنكِرها أحد، بل إنها لم تكن على أيامنا كتب وكنا نخطّ المقرَّر بأيدينا. ولكن هل يقرأ تلاميذ اليوم كل ما في هذه الكتب؟ وإذا قرؤوه فهل يفهمونه كله؟ وإذا فهموه فهل يهضمونه حتى تستقرّ خلاصته في أذهانهم، كما يتمثّل الجسمُ الطعامَ المهضوم حتى يمشي في دمه ويكون منه بناء جسده؟

أمامي هنا بعض الكتب التي كنت أقرأ فيها سنة ١٣٣٨هـ وأنا في الصف الخامس الابتدائي، فهل يحتفظ التلاميذ اليوم بكتب المدرسة، أم يُفرغون ما فيها في رؤوسهم لتحفظها إلى يوم الامتحان، فإذا خرجوا منه ضربوا عنها صفحاً، كأن في هذه الكُرات المركَّبة بين أكتافهم شرائط تسجيل لا عقولاً واعية وأدمغة مفكّرة؟

لقد طالما سألتُ طلاب الجامعة عن بعض ما درسوه في الثانوية أو المتوسطة، فلا أجد عندهم منه ذكراً. ولو كان السؤال في التاريخ أو الجغرافية لعذرتهم؛ إن الطالب يستطيع أن

<<  <  ج: ص:  >  >>