للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قلتَ: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} من غير تحريك أواخر الكلم ربما رفعتَ لفظ الجلالة فوقعت في الكفر حين تجعل الله يخشى العلماء! والله لا يخشى أحداً وإنما يخشاه الجميع.

في النحو أمور ينبغي أن نصلحها؛ لا أبدّل لسان العرب ولا آتي ببدع جديدة منكَرة تقطع ما بيننا وما بين كتاب الله، ولكن أقترح أموراً لا تجاوز المظهر ولا تصل إلى الجوهر.

أمثّل لها بـ «أن» الناصبة المضمَرة بعد «أو» و «حتى» ولام الجحود. إنها مضمَرة وجوباً، أي أنه ما رآها أحدٌ أبداً وإنما قدّر النحاة وجودها. والنحو إنما هو وسيلة لإقامة اللسان في الكلام واجتناب اللحن فيه، فعلينا أن نُفهِم التلميذ أن الفعل يُنصَب إذا جاءت قبله «حتى» أو جاءت قبله لام الجحود. فلماذا لا نقول إنها هي الناصبة وندع هذه الأحجية (الفزّورة) التي تزعم أن «أن» مُضمَرة بعدها، وأن هذا الإضمار مستمرّ دائماً فلا تظهر «أن» أبداً ولا يراها أحد؟ لماذا لا نعلّم الطالب أن ينصب الفعل كلما اقترن بلام الجحود، وكفى الله المؤمنين القتال وكسْرَ أدمغة الأطفال بهذا الذي يُشبِه المحال؟

المهمّ أن يأتي الفعل هنا منصوباً، أمّا العامل في نصبه فلا أثر له في صحة الكلام، فسواء لدينا أكان عامل النصب لام الجحود نفسها أم «أن» التي قالوا إنها مُضمَرة بعدها.

ومثال آخر: الاسم الذي يأتي بعد «إذا» في مثل قوله تعالى: {إذا السّماءُ انْشَقّتْ}. لماذا نعلّم الطلاّب أن كلمة «السماء» فاعل لفعل محذوف يفسّره المذكور؟ فيكون تقدير الكلام عندهم: "إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>