للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولانصل إلى الثمرة المقصودة؛ ذلك أن التلميذ يأخذ كتاب التاريخ وكتاب الجغرافية وكتاب العلوم فيجد لغة سهلة واضحة مفهومة، ثم يأخذ كتاب الدين المقرَّر فيجد كلاماً بعيداً عمّا يألف وعمّا يعرف. ذلك أننا ننقل من كتبٍ مؤلَّفة قبل مئات من السنين فنُثبِت ما فيها في كتب المدارس. وأنا أعلم أن حقائق الدين لا تتبدّل وأن تبديلها كفر بها وخروج عليها، فلا يفهم أحدٌ أنني أدعو إلى تغيير أحكام الدين وحقائقه. إنّ الذي أدعو إليه هو تجديد الأسلوب وأن تكون كتب الدين مكتوبة بلغة العصر، فإنّ لكل عصر لغة يفهم بها أبناؤه: {ومَا أرْسَلْنا مِن رَسولٍ إلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لهُم}.

ومن مقتضى ما أطلبه من تبديل الأسلوب أن نبدّل المقاييس مثلاً، فلا نقيس بالقلّتين لأنه لم يعُد يعرف أحدٌ ما هي «القُلّة»، حتى ولا أهل هَجَر التي يقولون إنهم يعتمدون فيها على قِلال هجر. بل لم يعُد يعرف أكثر الناس أين هجر: أهي القطيف أم هي البحرين؟ والناس يقيسون المسافات بالأكيال لا بالفرسخ ولا بالبُرد، فلماذا نعلّم الطلاّب مسافة السفر الذي تقصر فيه الصلاة ويفطر فيه الصائم إن شاء بهذه المقاييس القديمة؟ والناس إنما يزِنون بالكيل (الكيلو، وهي كلمة يونانية معناها ألف) والغرام، ونحن نزن بالقيراط وبالمثقال وبحبّة الشعير. ومَن من الناس يعرف ما هو «الوسق» ويعرف ما مقدار الخمسة الأوسُق؟!

وأن تراعى في الكتب حالة التلاميذ الذين توضع لهم. جاءتني مرّة بنت صغيرة في الصف الرابع الابتدائي وسألتني: ما هي الحشفة؟ فقلت: لا أدري، فمن أين سمعتِ بها؟ قالت: هي في كتابنا. فأخذت الكتاب فإذ فهي بيان موجِبات الغسل وأن منها

<<  <  ج: ص:  >  >>