«أن تتوارى الحشفة في الفرج». فناشدتُكم الله مرّة ثانية: أهذا ممّا يُكتَب في كتاب للبنات الصغيرات؟ فلو أنهن كُنّ كبيرات بالغات وعلّمناهن مثل هذا فلا يُنكِره أحد لأنه دين ينبغي أن يُعرف، وإن كان علينا أن نعرّف به بأيسر عبارة تُفيد المقصود ولا توقع فيما هو محذور.
والبنات الكبيرات: ما لنا نعلمهن تفصيلات مسائل البيع والشراء وهنّ مقصورات في البيوت لا يبعن ولا يشترين؟ أنا أعلم أنها من أحكام الدين، لكن كل امرئ يُعلَّم ما يحتاج إليه. وفي كتب التلاميذ أنواع من البيع ما بقي في الدنيا من يتعامل بها، بل من يعرفها، كبيع المُنابذة وبيع الملامسة وأمثال ذلك من البيوع التي تركها الناس وانصرفوا عنها، حتى إنك لو ذكرت أسماءها أمام التجار الكبار لما عرفوها.
* * *
وبعد، فهذه طائفة من ذكرياتي في التعليم، لعلّ من القرّاء من ضاق بها أو مَن ملّ من سردها، وعندي منها الكثير، ينتفع به بعض المدرّسين إذا عُدت يوماً إلى سرد بعضه. فهل تسمحون لي الآن أن أعود إلى تربية الأولاد؟ وإذا غلبَت الأفكار التي أوردها على الحوادث التي أسردها فسامحوني.
لقد قلت من قديم إن الإسلام اليوم أمام هجوم ما عرفه أهله أيام حملات الصليبيين ولا هجمات المغول والتتر، وهو أشدّ من الاستعمار الذي طالما قاسينا منه وبذلنا من مُهَجنا وأرواحنا، وأرقنا من دمائنا، وحملنا من تخريب بلادنا وخسران خيراتنا