للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكثيرَ الكثير لندفع شرّه عنّا. فهذا الاستعمار العسكري انتهى، ولكن بُلينا باستعمار شرّ منه هو الاستعمار الفكري والاجتماعي؛ إن أعداءنا يدخلون علينا من بابين: باب يأتي منه مرض يقتل وهو الكفر، ولكنه مرض بطيء الانتشار ضعيف العدوى، ومرض دونه خطراً وهو أقلّ منه ضرراً، ولكن عدواه سريعة وانتشاره عاجل. الأول هو مرض الشُّبُهات والثاني مرض الشّهَوات.

وأول ما يتمثّل المرض الثاني في هتك حجاب المسلمات، واختلاط البنين بالبنات، وتمهيد طريق الفاحشة للشبّان والشابّات. وقد سُخّرت له قوى هائلة لا طاقة لنا اليوم بدفعها مجتمعة، إلاّ أن يحفظ كلُّ أب منّا بنتَه، وكل زوج زوجتَه، وكل أخ أختَه.

أنا أقيم في مكّة، وصيف مكّة أتون متّقد الحرارة فيه قد تقارب الخمسين، فماذا أعمل؟ هل أستطيع أن أنصب على جبل «أبيقُبَيس» مكيّفاً (كونديشن) ضخماً وعلى قُعَيْقِعان (جبل الهندي) مثله لأبرّد جوّ مكّة؟ وإن جاء البرد في جبال الشام ولبنان فهل أضع في ذُراها مدافئ كبيرة تدفع البرد وتعدّل الجوّ؟ أم آتي في الصيف بمكيّف صغير أضعه في بيتي وأغلق بابه عليّ، وأضع مدفأة في داري في الجبل فأدفئ بيتي؟ علينا أن نحفظ أنفسنا وأن نحفظ من استرعانا الله أمره من أهلنا وأولادنا.

فكيف أعمل على تعليم بناتي الحجاب؟ أنا لا أريد أن أُجبِر بنتي عليه إجباراً، فتتخذه وهي كارهة له ضائقة به حتى إذا استطاعت نبذه نبذَته، بل أريد أن تتخذه مقتنعة به مطمئنّة إليه محبّة له. ففكّرتُ وطلبت العون من الله لمّا جاوزَت بنتي الأولى

<<  <  ج: ص:  >  >>