كله، فإذا «الهارب» مفتوح. والهارب كلمة شامية معناها مصرف الماء من البِركة.
وكنت أكتب «كل يوم كلمة صغيرة»، فجعلت هذا المشهد موضوع كلمة الغد، وكتبت أقول إنها ليست العبرة بكثرة ما يَرِد عليك بل بقلّة ما يخرج منك؛ فمَن كان مورده عشرة آلاف وهو ينفق مثلها لم يبقَ معه شيء، وإن أنفق خمسة بقي معه خمسة، وإن أنفق أحد عشر ألفاً خرج مَديناً بألف.
وقد قرأنا في كتاب المطالعة ونحن صغار هذه الحكمة:«لاتشترِ ما لا تحتاج إليه مهما رَخُص، ولا تدَع ما أنت بحاجة إليه ولو غلا».
* * *
ووُفّقت مرة إلى صنع شيء ما أظنّ أنه صنعه قبلي أحد، ولعلّه لا يصنعه أحد بعدي.
ذلك أن الشكوى قد كَثُرَت من قلة القضاة الشرعيين ومن ضَعف بعضهم، وأن حملة شهادة الحقوق يُعرِضون عن القضاء الشرعي ولا يُقبِلون عليه. فقلت للوزير (وكان صديقاً لي): أنا أضمن لك قضاة أولي علم ونزاهة ودين وخلق، بشرط. قال ضاحكاً: وما هو هذا الشرط؟ قلت: أن تدع لي اختيارهم وأن يُعيَّن مَن أختار بلا مسابقة ولا تعقيد. قال: هذا يحتاج إلى قانون. قلت: يا سيدي هذا عملك.