للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الذي أشار عليك بهذا؟ قلت: عمّي الشيخ عبد الوهاب. فقال: الله يفرج عنا وعنه!

لقد نبّهَتني هذه الكلمة كما يتنبّه المنحرف عن الطريق إذا سمع من يسأله عن مسيره، وعلمت أني غلطت. فهل يمكن أن أصلح الغلط؟

وكان قد مضى ثلثا السنة المدرسية ودخل الطلاب الامتحان الفصلي الأول وهم على أبواب الثاني، ما بقي له إلا عشرة أيام. فذهبت إلى عمّي الأكبر، العالِم الفلكي الشيخ عبد القادر، وكان عاقلاً هادئ الطبع بعيد النظر، فقلت له: إني أريد العودة إلى المدرسة. فضحك وقال: لقد أبطأت. كنت أنتظر منك هذه الأوبة ولكني ما قدّرت أن تتأخر إلى اليوم، وأنا مع ذلك قد أعددت لك الأمر من ثلاثة أشهر. قُم معي.

وأخذني إلى الأستاذ محمد علي الجزائري مدير مكتب عنبر (أي مدرسة التجهيز ودار المعلمين)، وقال له: هذا هو الذي حدّثتُك عنه. فقال لي: لماذا تأخرت إلى اليوم؟ ألا تعلم أن الامتحان الثاني قد اقترب، فهل تستطيع أن تدخله مع رفاقك؟ وهل تقدر أن تعيد الامتحان الأول بعده بعشرة أيام؟ قلت: أرجو الله. قال: إذن فتوكّل عليه وادخل صفّك، فأنا لم أُلغِ قيدك. إنك لا تزال من الطلاب.

ودخلت الامتحان، وعندي الوثيقة الرسمية بأني كنت -بحمد الله- الأول بين الطلاب.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>