للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسباباً بادية لعلّها تكون أحياناً تافهة، وأسباباً حقيقية خفية لولاها لما كان هذا الحدث. السبب الظاهر في الخلاف قضية تافهة لا تقدّم ولا تؤخر، تلك قضية الإطعامية في التكيّة السُّليمانية. والتكية السليمانية (التي تُعَدّ اليوم من أجمل الآثار في دمشق) بناها السلطان سليمان القانوني على أنقاض القصر الأبلق الذي كان للملك الظاهر بيبرس، أما التكية الصغرى المجاورة لها فقد بناها أبوه السلطان سليم، الذي دخل الشام ونقل الخلافة إلى الترك في إسطنبول.

وقف السلطان سليمان على التكية أوقافاً جليلة كان موردها أيام الرخص أكثر من ألف ليرة عثمانية من الذهب. أكتب هذا من حفظي، ولا تثقوا به كثيراً ولعلّ المبلغ كان أكثر من ذلك. والوقفية مصدَّقة أيام الفرنسيين من أعلى مرجع قضائي هو محكمة التمييز، ومن جملة هذا الوقف طعام (حساء) يُوزَّع على طلبة العلم، لا يسيغونه ولا يألفونه ويتعبون في الحصول عليه، ففكّر (١) في توزيع ثمنه بدلاً منه، فيأكل الطلاّب ما يشتهون يحصلون عليه بلا تعب ويوفّر على الدولة أجور إعداد الطعام ومتاعب توزيعه، وأبت الجمعية الغرّاء إلاّ التمسّك بحرفية الوقفية وتوزيع الطعام مطبوخاً.

هذا هو السبب الظاهر للخلاف، أما السبب الخفي الحقيقي ففي الحلقة الآتية إن شاء الله.

* * *


(١) أي الشيخ كامل القصاب (مجاهد).

<<  <  ج: ص:  >  >>