أمداً طويلاً هجمة الإلحاد والفساد. لقد كانوا يعملون وحدهم لا يريدون أن يراهم الناس ليهتفوا لهم، بل أن يراهم الله فيثيبهم ويُدخلهم الجنّة عرّفها لهم. إنهم لم يكونوا يعرفون الأساليب التي جدّت في الدراسة ليتبعوها ولا الغزوات الفكرية الأجنبية ليردّوها، ولكنهم عملوا كل ما قدروا عليه.
إن العلوم التي أخذناها منهم كانت عدّة لنا، لنا نحن الذين عرفوا هذه الأساليب فطبقناها عليها وهذه الغزوات فاستعملناها في ردّها. كانوا يعملون لله، فجزاهم الله في الدنيا رفعة ومجداً وجعل الناس يُقبِلون عليهم ويرجعون في أمورهم إليهم.
إن الأمة الخاملة صفّ من الأصفار. ما قيمة صفّ من الأصفار؟ ولكن إنْ بعث الله لها «واحداً» مؤمناً صادق الإيمان داعياً إلى الله خبيراً بأساليب هذه الدعوة، صار صفّ الأصفار مع الواحد مئة مليون، والتاريخ مليء بالشواهد على ما أقول.
لقد كان العاملون بالعلم من العلماء كثيرين، ولكنهم كانوا مختلفين لا يكادون يتّحدون. وحين عاد الشيخ كامل القصاب من منفاه سنة ١٩٣٧ (لمّا صدر العفو العامّ عنه وعن إخوانه) جمع العلماء ودعاهم إلى نبذ الاختلاف، فمشت معه الجمعيات الإسلامية والدعاة والمشايخ، ولكن شذّت عنه «الجمعية الغرّاء» وكان بينهم الخلاف.
هل تعرفون ما سبب هذا الخلاف؟ الشجرة يظهر ساقها وتبدو فروعها، ولكنها تُخفي في الأرض مثلَها جذوراً ممتدّة لولاها لما قام الساق ولا امتدّت الفروع. كذلك نجد للأحداث