بيته ومسجده وكتبه التي قرأها وأقرأَها لا ينظر ولا يحبّذ النظر في غيرها، بين أصحابه وتلاميذه الذين يستمعون منه ما يلقيه عليهم ولا يحدّثونه في غيره، إلاّ أن يسألهم فيجيبوه جواب التلميذ المؤدَّب الذي لا يُفيض في الحديث إلاّ فيما يُعجِب الشيخ. لايهتمّ بالأدب ولا يُقِرّ تلاميذه على الاهتمام به خشية أن يصرفهم عن الكتب العلمية التي يراها أنفع لهم، حتى إن ولده الأديب اللغوي الشيخ عبد الغني الدقر قرأ المعلَّقات وشرحها و «كامل» المبرّد كله على الأستاذ عزّ الدين التنوخي في سنين متعاقبة خفية عنه. ولمّا خبره ولده الأكبر الشيخ أحمد أن أخاه عبد الغني قد اشترى «النظرات» للمنفلوطي غضب عليه وعدّ ذلك انحرافاً منه عن الطريق السويّ! كان يخشى على تلاميذه كل جديد ويخاف عليهم المزالق ويودّ لو حصرهم معه في دائرته.
وكلا الشيخين: الشيخ علي الدقر والشيخ كامل القصاب، من العلماء الدعاة إلى الله ومن أركان التعليم والإرشاد في الشام رحمهما الله.
أما الطريقة التّجانية فقد عرفنا -بعد أن أطّلعنا على كتبها واستقرينا (ولا تقُل استقرأنا) أخبارها- أن موقعها من الفرنسيين في الشمال الإفريقي مثل موقع القاديانية في الهند من البريطانيين. كانوا أعواناً للاستعمار، والعهدة على الراوي. أما قصة التّجانية في الشام فأنا أروي منها ما رأيت وما سمعت.
الطلاب اليوم يفتتحون نهارهم في كثير من البلاد بتحية العلَم أو بنشيد الوطن، ولم يكن معروفاً في تلك الأيام أو كان معروفاً