ولكنه لم يبلغ أن يكون عرفاً عاماً، لذلك كانت كل مدرسة تلقّن طلابها ما تختاره لهم ليجهروا به جماعة قبل الدخول إلى الصفوف (الفصول)، أو لا تلقّنهم شيئاً وتدعهم يدخلون غرف دروسهم صامتين.
وكان للجمعية الغرّاء مدارس يفتتح طلابها يومَهم بتلاوة وذكر ودعاء يحفظونه ويجهرون به جماعة، وكان من ذلك صلاة الفاتح، وهي «اللهم صلِّ على سيدنا محمد الفاتح لِما أُغلِق، والخاتم لِما سبق، ناصر الحقّ بالحقّ والهادي إلى صراطك المستقيم». والذي أعرفه أنهم لم يكونوا يرون فيها إلاّ صيغة من صيغ الصلاة على الرسول، وكل هذه الصيغ جائزة ما لم يبلغ حدّ الإطراء المنهيّ عنه وما لم يكن فيه مخالفة لشرع الله، وإنْ كان أفضل هذه الصيغ بلا خلاف هي صيغة الصلاة الإبراهيمية، لأنها هي التي علّمها رسول الله ‘ أصحابَه لمّا سألوه: كيف نصلّي عليك؟ وغيرُها من الصيغ ممّا علمه المشايخ تلاميذَهم، ولا يعدل مسلم بالمأثور عن رسول الله ما أُثر عن غيره من الناس.
وكان أول من نبّه إلى ما يحفّ بهذه الصيغة (أعني صلاة الفاتح) وبيّن مصدرها وكشف خفاياها هو الشيخ محمد الخضر الشنقيطي، الذي كان من قبلُ مفتي المدينة المنورة ثم نزل الأردن. وشنقيط التي خرّجت طائفة من العلماء وعُرف أهلها بالحفظ حتى نُقلت عنهم فيه وقائع تحسب من العجائب، شنقيط هذه هي التي يدعونها اليوم موريتانيا. وممن عرفنا من علمائها صاحب «أضواء البيان» رحمه الله، ومنهم الصديق الذي كان سفير الملكة الأردنية، ومنهم رجل سمعت عنه ولم أدركه وهو التركزي الشنقيطي الذي