لم يدافع عنها، وإنما ادّعى (دعوى بلا دليل) إنها مدسوسة على الشيخ التجاني. فهو إذن لا يقول بها ولا يدافع عنها، وإنما ينازع في نسبتها إلى التجاني.
والله لا يسألنا عن التجاني ولا عن الشيخ ابن عربي ولا عن غيره؛ إنما يسألنا عمّا نقول وما نفعل. والذي نقوله أن هذه الأقوال كفر لا شكّ فيه، والله أعلم بحال من نُسبت إليه. فلماذا إذن أصرّ على موقفه ولم يتزحزح عنه؟ إنه «لغز» أعلن أنني عاجز عن حلّه. وأنا إنما أدون حادثاً مرّ عليه الآن أربع وخمسون سنة، والدول تنشر المطويّ من وثائقها وتُبدي المكنون من أسرارها بعد ثلاثين سنة فقط، كما تفعل بريطانيا الآن.
ثم إنه موقف واحد للشيخ علي رحمه الله، أنا أوقن أنه رجع عنه، ودليل ذلك أنه لمّا انطفأت هذه الفتنة لم نعُد نسمع منه ما يدلّ على انتسابه إلى التجانية أو دفاعه عنها، بل هو لم يعُد يذكرها.
* * *
إنما هي صفحات من التاريخ يُراد بها ذكر الماضي لا وصله بالحاضر. ولعلّنا نعتبر بها وبأمثالها فنعمل دائماً على جمع الشمل ونبذ الخلاف، وألاّ نجعل اختلافنا في الفروع مفرّقاً لنا بعد اتفاقنا على الأصول.
إن الشعوب الإسلامية لا تنقاد للزعيم السياسي مثلما تنقاد للعالِم الديّن، ولو أن العلماء جميعاً راقبوا الله وأخلصوا النية