للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا أرادوا أن يقوّموا قناة الرمح قطعوا الغصن الذي يصلح لذلك ثم أحموه على النار ثم أدخلوه في هذا الثقب المثقوب في الخشبة وقوّموه وأزالوا اعوجاجه. هذا هو الأصل في مادّة الثقافة، ثم اشتقّوا من هذا الاسم فعلاً فقالوا: رمحٌ مُثقَّف، أي مقوَّم. ولمّا كانت الألفاظ توضَع للموجودات المدرَكة بالحسّ ثم تنتقل إلى ما وراء الحسّ من الصور المعنوية والمعاني المجردة، فقد نقلوا معنى «المثقَّف» من القناة التي قوّمنا عِوَجها بالثّقاف إلى الإنسان الذي قوّمنا طباعه وفكره بالثقافة.

وكذلك نجد معناها في الفرنسية، فهو فيها معنى مجرّد لا حقيقي، فهم يدعونها «كولتور»، وهي كلمة تدلّ في حقيقتها على الحرث والزرع. ويقولون للرجل «كولتيفه»، أي محروث أو مزروع.

ولا يقتصر معنى الثقافة على تلقّي العلوم، بل تشمل سلوك الإنسان في كلامه وفي طعامه وفي يقظته ومنامه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>