للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما أُعِدّه من محاضرات ومن أحاديث ومن دروس، ونشرتها يومئذ في مجلة أو طبعتها في رسالة، لانتفعت بها وانتفع بها الناس. ولكن «لو» تفتح عمل الشيطان.

ما وجدت إلا مسوَّدات فيها رؤوس المسائل التي ألقيتها، بل فيها إشارات إلى رؤوس المسائل مكتوبة على عجل، قرأت بعضها ولم أستطع -لسوء الخط- قراءة بعضها وأنا كاتبها! وكثيراً ما يقع لي مثل هذا: أُعِدّ محاضرة أو مقالة علمية، فأكبّ على المراجع وأغرق في صفحات المجلَّدات وبيدي قلم وورق أدوّن ما أجده نافعاً لي في مقالتي أو محاضرتي، أشير إليه ولا أدلّ عليه، أُجمِل ولا أفصّل وألمّح ولا أصرّح، وفي ظني حينئذ أن الإشارة والإجمال والتلميح بلا تصريح يكفي. فإذا مر الزمان وعُدت إليها -كما أعود الآن- لم أستطع أن أحلّ رموزها ولا أن أدرك المُراد منها، فضلاً عن أن أكتفي بها. ولقد أضعت على نفسي وعلى الناس بهذه الخطة الحمقاء مقالات وفصولاً ومباحث لو أنها كُتبت في حينها لكان منها الكثير الطيب.

وجدت مسوَّدات أرجو أن تأذنوا لي أن أُثبِتها هنا كما وجدتها.

تكلمت أولاً عن العلم: ما هو العلم؟ فوجدت أن العلم بالمعنى اللغوي هو ما يقابل الجهل، وأن العلم بالمعنى الأصولي المنطقي هو الذي يقابل الظنّ، أي أن مراتب الوجود الذهني عند علمائنا ثلاث: «الشكّ»، وهو تَساوي جانبَي الإثبات والنفي. فإن سُئلتَ وأنت في المدينة: هل في القرية مطر؟ قلتَ: لا أدري. لأن احتمال نزول المطر كاحتمال عدمه، وليس لديك دليل لنفيه ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>