للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمخالعة والتفريق والعدّة والنفقات والنسب والحضانة والرضاعة وأحكام الأولياء والأوصياء وأحكام الوصايا والمواريث، ولكن لم يكن يجمعها هذا الاسم المحدَث، اسم «الأحوال الشخصية».

وكان المشايخ يقرؤونها ويُقرئونها تلاميذهم، لكنهم يقتصرون غالباً على الكتب المتأخرة التي تبيّن الحكم ولا تذكر دليله، أي أنها كانت كنصوص القوانين. وكانوا يُقبِلون عليها ويحيطون بما فيها ويحفظونه، وقد سلك بعض لِداتي وإخواني هذا الطريق فكانوا فقهاء فقه رواية وإحاطة بالمذهب، وبعضٌ سلك طريق الدراسة الحديثة في المدارس وعرف كثيراً من الجديد الذي لم يكن يعرفه المشايخ، وإن كان قد جهل كثيراً مما كانوا يعرفون.

وقدّر الله لي أن أسلك الطريقين، من غير أن أتمكّن من إحدى الحسنيَين، فلم أستوعب فروع الفقه ولم أحفظها كما استوعبها وحفظها إخواننا هؤلاء، ولم أُحِط بالجديد مثل إحاطة الآخرين، ولكن لم أهبط إلى الدرك الذي قيل في صاحبه:

هوَ في الفقهِ شاعرٌ لا يُبارى ... وهْوَ في الشعرِ أفقهُ الفقهاءِ

لا إلى هؤلاءِ -إن نسبوهُ- ... وجدُوهُ، ولا إلى هؤلاءِ

لا، لم أصل إلى هذا. ولماذا أنسى فضل الله عليّ فأُنكِر ما كرّمني به؟ ولماذا لا أحمده على أن وفّقني فأخذت حظاً من الفقه وحظاً من الأدب؟ أنا لا أتواضع حتى أسلب نفسي حقّها ولا أستكبر حتى أدّعي لها ما ليس فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>