للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول إني قرأت من الفقه على المشايخ أكثر ما كانوا يُقرؤون، وإن لم أقرأ كل ما قرؤوا. وفهمت والحمد لله كل ما قرأت وحفظته، ورُبّ قارئ لا يفهم وفاهم لا يحفظ. قرأت ما يُدعى اليوم بالأحوال الشخصية في كتب الفقه على أبي وأنا صغير مع تلاميذه الكبار، فلما مات من ثلاث وستين سنة (أي سنة ١٣٤٣هـ، وكنت أناهز السابعة عشرة) وذهبوا يقرؤون على الفقيه الكبير المفتي الشيخ عطا الكَسْم ذهبت معهم، فحضرت أكثر «فتح القدير» لابن الهُمام، وقرأت على جماعة من المشايخ كشيخنا الشيخ أبي الخير الميداني وغيره رحمة الله عليهم جميعاً.

ولكن جلّ انتفاعي كان بمجالسة العلماء والرجوع إلى الكتب، فما أسمعه منهم يُنقَش في ذهني فلا أنساه (وهذه المنّة من الله باقية عندي إلى الآن) وإن سمعت باسم كتاب أو قرأت شيئاً منقولاً عنه أو معزوّاً إليه بحثتُ عنه حتى وجدته فقرأته. وقد اطّلعت على مذهب أحمد لمّا طبع ولدي الفاضل النابغة الأستاذ زهير الشاويش كتبَه كلها بأمر الشيخ علي آل ثاني رحمه الله وعلى نفقته، واستفدت من إدمان النظر في كتب الفقه غير المذهبي مثل «نيل الأوطار» و «سبل السلام» و «فتح الباري»، واستفدت الفائدة الكبرى من مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله وجزاه خيراً وجزى مَن جمعها ومن طبعها.

وكان مكتب عنبر هو الثانوية الرسمية الوحيدة في دمشق، وإن كان فيها ثانويات أكثر أهلية ونصرانية. وكان عندنا في المكتب دروس في الفقه، وستعجبون إن علمتم أن كتاب «مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح» كان مقرَّراً تدريسُه والامتحان فيه لتلاميذ

<<  <  ج: ص:  >  >>