للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصف السابع، أي السنة الأولى من المدرسة المتوسطة! وهو كتاب مُغلَق الأسلوب صعب الفهم كثير التفريعات والاستطرادات، وربما يعسر فهمه اليوم على بعض المدرّسين.

وبعد ذلك بسنتين (أي في سنة شهادة «الكفاية» التي يسمّيها الناس «الكفاءة») كان مقرَّراً علينا كتاب «الأحكام الشرعية» لقدري باشا، الوزير المصري الفقيه المتمكّن. وهو كتاب جامع لأحكام الأحوال الشخصية في المذهب الحنفي، يأخذ بأصحّ الأقوال في المذهب. ولا يستطيع كل من تفقّه أن يختار الأصحّ عند تعدُّد الأقوال، ولا كان ذلك بالأمر السهل، بل إن عندنا علماً ألّف فيه ابن عابدين إحدى رسائله، هو علم «رسم المفتي» الذي يعلّم قارئه كيف يميّز القول الأصحّ والقول الصحيح عند ازدحام الأقوال.

وكان يدرّسه لنا الشيخ عبد القادر المبارك. وما عرفت بين أساتذتي في الدراسة وبين زملائي في التدريس أقدرَ منه على الشرح والإيضاح؛ يرفع صوته ويخفضه، ويبدّل لهجته وإيقاعه، ويشير بيديه ويمثّل بوجهه، ويكتب بالخط الثُّلُث على اللوح الأسود، ويضرب الأمثال، فلا نخرج من الفصل ولا تمرّ الساعة حتى تُنقَش المعلومات على ظهور قلوبنا نقشَ الإزميل الحادّ على الصخر فلا تُمحى أبداً.

وكنا نرجع بعد الدرس وأحياناً قبله إلى الشروح والحواشي، كحاشية ابن عابدين، والفتاوى الهندية العالِمْكيرية التي أمر بوضعها وشارك في تأليفها إمبراطور الهند المسلم الذي حكم

<<  <  ج: ص:  >  >>