للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنِ ارْتَبْتُمْ فعِدّتُهُنَّ ثَلاثةُ أَشْهُرٍ واللائي لَمْ يَحِضْنَ}. ويكون عقد رسول الله عليه الصلاة والسلام على الصدّيقة بنت الصدّيق عقداً فاسداً بموجب هذا القانون الأحمق، لأنه عليه الصلاة والسلام عقد عليها وهي بنت سبع سنين! ولطالما حملتُ على هذا القانون بقلمي ولساني أكتب فيه وأخطب وأحاضر، حتى وفق الله فصدر القانون الجديد خالياً منه.

* * *

أنا إلى هنا كالمحارب الذي يتعلّم رسم الخطط وأساليب الهجوم والدفاع، يقرؤها في الكتب ويسمعها من المدرّسين، لم يخُض المعارك ولم يواجه العدوّ، يقاتل بالمنظار من فوق الجبل. فلما وليتُ القضاء نزلت إلى ميدان المعركة وواجهت مشكلات الناس، فوجدت حقاً ما قيل من قديم من أن النصوص -مهما كَثُرَت وطالت- محدودة ووقائع الحياة لا حدّ لها، والشريعة القويمة التي تصلح لكل زمان ومكان هي التي يكون في عموم نصوصها المحدودة وشمولها مبادئُ يُستنبَط منها حكم كل واقعة من الوقائع التي لا تُحَدّ. وهذا هو شأن الإسلام.

وكنت أجتهد رأيي في هذه الوقائع فأجد في الإسلام حلّ كل عقدة ودواء كل داء، ولكن يحول بيني وبين الحلّ ويمنعني من الوصول إلى الدواء القانونُ الذي أوجبوا علينا الحكم به، أو المذهب الذي ألزمونا الاقتصار عليه. فكنت أبعث بالرسائل تترا (١)


(١) تترا أي متواترة، اسمٌ يظنّها كثير من الناس فعلاً من الأفعال، في مثل قوله تعالى: {ثمَّ أرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا}، وما هي بفعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>