للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجندي. ثم رأيت أن أقرب الطرق إلى إتقان علم هو أن تعلّمه الطلاب، فجمعت في سنين متتاليات كثيراً من مدرّسي الدين في المدارس الرسمية، وبينهم علماء أفاضل، فدرسته معهم ووزعنا كتبه بيننا حتى وفق الله ففهمته.

ثم قرأنا في كلية الحقوق قرار حقوق العائلة، وهو القانون الذي كان معمولاً به في المحاكم الشرعية أيام العثمانيين واستمرّ العمل به إلى أن وفّق الله فصدر قانون الأحوال الشخصية سنة ١٣٧٣هـ (١٩٥٣). وقرارُ حقوق العائلة أصدرته الدولة العثمانية سنة ١٣٣٦هـ وأخذَت غالب أحكامه من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية. وقد انصرفتُ وأنا طالب في الحقوق سنة ١٣٥٠هـ إلى المقابلة بين أحكام المذهب وبين هذا القرار، وأحصيت المسائل التي وردَت فيه مخالفة للمذهب فبلغَت سبع عشرة مسألة، أكثرها اعتمد على بقية المذاهب الأربعة فلم يكن عليه اعتراض. وجاء فيها ما يخالف المذاهب كلها وما لم يقُل به فقيه من الفقهاء، بل ما يخالف السنّة الثابتة وصريح القرآن، وهو اعتبار زواج مَن كانت دون التاسعة من العمر زواجاً فاسداً. وقد زعم واضعو هذا القانون أنهم استندوا إلى قول لابن أبي ليلى الذي كان معاصراً لأبي حنيفة. ولم تصحّ نسبة هذا القول إليه، ولو صحّت لما التُفت إليه ولما عُوّل عليه، لأنه مخالف للدليل القطعي وهو كتاب الله وما صحّ من سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومخالف لإجماع المسلمين الذين اتفقوا على أن للأب أن يزوّج ابنته الصغيرة مهما كانت سنّها، ومخالف لصريح القرآن في قوله تعالى: {واللائي يَئِسْنَ منَ المَحيضِ مِن نِسائِكُم

<<  <  ج: ص:  >  >>