للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ أبو الخير مفتي الشام، وعمّ أبيه هو صاحب الحاشية ابن عابدين، أفقه حنفي ظهر من نحو مئة وخمسين سنة.

كان يُقرئنا الأحكامَ على المذهب الحنفي من كتاب الأحكام الشرعية لقدري باشا، الذي ألّفه نحو سنة ١٣٢٨هـ وصاغه على أسلوب القوانين، مادّة بعد مادّة، صياغة عربية صحيحة فصيحة (لا كصياغة القوانين التي أخذناها من غيرنا فما وُفِّقنا في اختيار أحكامها ولا في أسلوبها ورصف كلامها) وضمّنها أصحَّ الأقوال في المذهب الحنفي. وكان الشيخ أبو اليسر مُحيطاً بالمذهب الحنفي إحاطة عجيبة مطّلعاً على كتبه كلها، ولولا أنني عرفته بملازمتي إياه سنين طوالاً لشككت إن حدّثني محدّثٌ بما أعرفه عنه. ولقد أرسلَت إليّ إحدى المكتبات العامّة هنا من سنين صورة عن كراس مخطوط في الفقه ما له عنوان وما عليه اسم المؤلف ولا تاريخ النسخ، فلم أعرفه، فكلمتُ شيخَنا بالهاتف من مكة وتلوت عليه فقرات من الكتاب، فعرفه وسمّى مؤلّفه! ثم تحققت أن ما قاله الشيخ هو الصحيح.

ولكن عيبه (وما خلا من العيوب إلاّ ملَك مقرَّب أو نبيّ مُرسَل، أو عبد من عباد الله المخلَصين) عيبه أنه كان يختار لنا ونحن طلاّب في كلية الحقوق نقولاً من أغرب كتب المذهب وأقلّها ذيوعاً وأكثرها تعقيداً، لنَأْلف -كما يقول- أسلوبها، ولا سيما في أصول الفقه. ولست أكتمكم أني خرجت من كلية الحقوق وأنا لم أستوعب علم الأصول، حتى قرأته في كتاب الشيخ محمد الخضري أولاً ثم في كتاب الشيخ عبد الوهاب خلاّف ثانياً، ثم درسته على أستاذنا الأديب اللغوي الأستاذ سليم

<<  <  ج: ص:  >  >>