للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما دخلت كلية الحقوق كان يدرّس لنا الأحوالَ الشخصية الشيخُ أبو اليسر عابدين، وهو عالِم واسع الاطّلاع عالي الهمّة كان يعيش للعلم، يقرأ ويُقرئ نهاره وليله، يكتب كل ما يجد في الكتب من غرائب المسائل، في الفقه وفي الاجتماع وفي الأدب وفي التاريخ، ويدوّن كل ما يخطر على باله مما ينفع الناس. ولم تكن العوائق لتعوقه عن طلب العلم مهما طال الطريق وتوعّرت المسالك؛ أراد -وهو كبير- أن يدرس الطب فاقتضاه ذلك تعلّم اللغة الفرنسية، فتعلّمها ودخل كلية الطب مع تلاميذه ومَن هم في سنّ أبنائه، وثبت على الدراسة فيها حتى خرج منها طبيباً. وكانت له عيادة يطبّب فيها المرضى كما كان يُفتي المستفتين، ثم صار مفتي الشام، أي مفتي الجمهورية السورية. وكان أبوه من قبله


= وصاعاً من تمر (وأنا أكتب الحديث من حفظي لم أراجعه). فهل يكون الصاع من التمر بدلاً دائماً للحليب، أم أن المشتري حين جاز له ردّها كان عليه أن يردّها على الحالة التي كانت عليها، وقد أخذ الحليب بغير حقّ، فكان هذا بدله (أي ما يعادله)؟ فقال أصحاب الرأي بأن عليه ما يعدل ثمن الحليب، والرسول صلى الله عليه وسلم حدّد الصاع من التمر لأنه كان يومئذ معادلاً لِما حلبه. وقال الآخرون: بل الصاع هو الواجب عليه في كل حال.
في هذا وأمثاله نجد المذهب الحنفي والمذهب المالكي يتفقان، كاتفاق الشافعي والحنبلي. ومن تتبّع فروع المذاهب وجد أمثلة كثيرة على هذا، فلماذا عدّوا مالكاً على رأس أهل الحديث مع أنه أقرب إلى أهل الرأي؟ هذا ما عجبتُ منه ولم أفهمه، بل إنني كلما زاد اطلاعي على فروع المذهبَين وجدت مالكاً أقرب إلى أصحاب الرأي، فما قول السادة العلماء؟

<<  <  ج: ص:  >  >>