للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شركات أربع، وألزموا كل واحد من الناس بأن يكون من زبائن واحدة منها لا يجاوزها إلى غيرها، ولو كان الذي يطلبه مفقوداً فيها وموجوداً في التي تليها.

هذا مَثَل المسلمين في القرون السبعة الماضية، من أول القرن السابع الهجري إلى أوائل الرابع عشر.

أما الأدوية والعقاقير فهي أحكام الإسلام التي تصلح لكل زمان ومكان، بل تُصلِح هي فسادَ كل زمان ومكان وترفع أهلَه إلى المُثُل العليا وتجعل المجتمع الإسلامي مجتمعاً سليماً نظيفاً خيّراً، كما كان أول مرة على عهد الصحابة، العهد الذي تحققَت فيه (أو كادت تتحقق) آمال الفلاسفة والمصلحين في المجتمع المثالي. وأمّا صناعة الأدوية فهي «الاجتهاد». وأمّا الكتاب الذي يرشد إليها ويدلّ عليها فهو القرآن والسنّة المُبيِّنة له، التي تفصل مُجمَله وتجلو مقاصده. وأمّا الصيدليات الأربع فهي المذاهب الأربعة، أما الصيدليات التي أعرض الناس عنها ولم يعودوا يقفون عليها فهي مذاهب الأئمة السابقين.

وقد كان في عصر كل من الأربعة وكان قبلَه مَن هو مثله ومَن هو أعلم منه، ولكنْ نُسِيَ مذهبه على حين دُوّنت مذاهب الأربعة وحُفظت. وحسبكم شاهداً واحداً على هذا هو الشافعي، ألا تقبلون شهادة الإمام الشافعي؟ إنه يقول: الليث (ابن سعد) أفقه من مالك، ولكن أصحابه لم يقوموا به (١).


(١) ذكر الخضري في كتابه «تاريخ التشريع الإسلامي» أمثلة على ما سمّاه «المذاهب البائدة»، فمنها مذهب الليثبن سعد هذا في مصر، =

<<  <  ج: ص:  >  >>