الزعيم، وهو جبّار مجنون عرفته مرتين في مجلس أخيه الأكبر، الداعية الصالح العابد الشيخ صلاح الدين الزعيم)، لمّا انتهى وضع المشروع أبَيتُ إلاّ أن أعرضه العَرْضةَ الأخيرة على العلماء، فكلّمت أستاذنا الأمير مصطفى الشهابي الذي كان وزير العدل، فخاف من الزعيم وراح يجادلني ليصرفني عن هذا، وأنا مُصِرّ عليه تبرئة لذمّتي وطلب الوصول إلى الحقّ. فلما أعجزه إقناعي قال لي (وأنا اذكر كلمته): "ما شُفتني ولا شُفتك، فاعمل ما تريد".
فجمعتُ علماء دمشق جميعاً في دار الشيخ عبد القادر العاني (وكانت داره وقفاً على مصالح المسلمين)، وكان فيهم الفقيه الشافعي الكبير الشيخ صالح العقاد، فعرضت عليه اقتراحنا في المشروع أن نجعل أكثر مدّة الحمل سنة كما صنعوا في مصر. ونحن نعلم أن الحمل لا يمتدّ سنة، ولكن احتياطاً وأسوة بما ذهب إليه علماء مصر. فأبى وأصرّ على مذهبه بأن الحمل يمتدّ أربع سنين، فقلت له: أنت تعلم يا سيدي أني أُجِلّك وأقدّرك، وأنا أقبّل يدك على أن تسمح لي بسؤال أوجّهه إليك، وأن يتّسع له صدرك فلا تغضب منه. قال: تفضل. قلت: ولا تؤاخذني إذا كان السؤال شائكاً؟ قال: تفضل. قلت: هَبْ أنك -لا سمح الله- طلّقت امرأتك، وذهبَت من بيتك وغابت ثلاث سنين ونصف السنة، ثم جاءت إليك وقد ولدت ولداً من أسبوع وقالت: هذا ابنك. فهل تعتقد أنه ولدك؟
فضاق بالسؤال، ولكنه لم يجد مجالاً للعنف في الجواب بعدما مهّدت إليه ذلك التمهيد، وقال: هذا هو الحكم في المذهب الشافعي. قلت: يا سيدي، إن الطفل ينمو، فإن بلغَت سنّه أربع